الحس مصدرًا للمعرفة- دراسة نقدية عقلية لتجريبية جون لوك
2024-04
Humanities Journal of the University of Zakho (HJUOZ) (Volume : 12)
يهدف البحث إلى عرض الرؤية التجريبية عند رائد فلسفتها في العصر الحديث الإنكليزي جون لوك، كونه المنظر لها، وكل من جاء بعده إنما هم آخذون منه فلسفته تلك، ولأن الفلسفة التجريبية تعتبر الفلسفة المهيمنة على الساحة الفلسفية والعلمية في العالم الغربي في الوقت الحالي، وتكاد تصبح العدسة الوحيدة التي يرى من خلالها الغرب العالم، وما لهذه الفلسفة من أهمية وتأثير على الرؤية الغائية للإنسان وعلاقته بالعالم سواء في بعده الفيزيقي أو الميتافيزيقي كان لا بد -والحال هذه- من عرض شفاف ومتوازن لأبرز حججها ومحاولة تقديم نقد بنَّاء لها من قِبَل خصومهم العقلانيين، وذلك في نقد عقلي لهذه الفلسفة من وجهة نظرنا، في دراسة تحليلية نقدية، مستعينًا بأدلة عقلية تجريبية، وملزمًا للطرف المقابل القائل بالتجريبية بلازم قوله. وتم التوصل إلى أن الفلسفة التجريبية القائلة بأن المعرفة الحقة إنما هي من خلال التجربة والحواس فحسب تحمل عوامل نقضها داخليًا، كونها لا تستطيع أن تثبت دعواها من خلال التجربة، مما يعني أنها لا تعتبر المصدر الوحيد الموثوق للمعرفة، كما أن جون لوك يؤمن بتجريبية معينة للعقل دور فعال وأساسي في تحديد ملامحها، منكرًا للضرورات العقلية الأولية، ومثبتًا في الوقت نفسه وجود الخالق والشعور بالذات الإنسانية، والتي تعتمد في طيات استدلالها قانون السببية الفطري. بالإضافة إلى أن التجربة معتمدة بالضرورة على استقراء ناقص تقيس الغائب على الشاهد في الحكم، فيمكن -أقلها إمكانًا عقليًا- أن تُرفض كونها مجرد تجربة لم تسنح الفرصة لإيجاد أمثلة مخالفة لها فحسب، وعليه فاليقين الذي ينشده جون لوك ممتنع. والدراسات المسحية الأنثروبولوجية التي أجريت على الأطفال أثبتت أنهم في مراحل مبكرة جدًا يدركون المبادئ الفطرية ووجود كائن أسمى وإن لم تكن هذه المفاهيم محددة لديهم ودون معرفة ماهيتها، فهو إدراك عملي لا نظري.